قصر رغدان البيت الهاشمي الأول للملك عبدالله الأول
هو البيتُ الهاشميُّ الأوّل فوق جبال عمّان، والعِمارةُ الهاشميةُ التي ارتفعت شامخةً تجسّد قصةَ عمّان بتاريخها وحضارتها وتُنبئ عن عهد جديدٍ من الازدهار والتطوير والعمل من أجل المستقبل. هذا البناءُ الذي اجتمعت في أركانه السياسةُ والاقتصاد والأدب، هو مركزُ القيادة، وعنوانُ الحكم، ودارُ الشعب، وبيتُ الأمة.
بناه الملك المؤسس عبد الله الأول بن الحسين، حيث كان يسكن أول مرة – لدى قدومه إلى مدينة عمان؛ في دار متواضعة من البناء العثماني مقابل المدرج الروماني، كما اتخذ من منطقة ماركا مقراً لإستقبال الوفود وإقامة الاحتفالات
وبعد أن نجح الملك عبد الله الأول في مفاوضاته مع الإنجليز، والحصول على اعتراف بريطاني بحكومة مستقلة في شرق الأردن، عمد الملك عبد الله الأول سنة 1924م إلى اختيار مكاناً مرتفعاً يطلّ على وسط مدينة عمان ليبني فيه مقرّاً لقصر الحاكم، وسمّي القصر الجديد باسم رغدان، بمعنى الرغد والهناء وليكون مبعثاً للأمل والتفاؤل؛ كما أراد أن يكون تصميم بناء القصر متمتعاً بالفخامة والجماليات المتسمة بالبساطة ومنسجماً مع التاريخ العظيم لمدينة عمّان.
تظهر الوقائع التاريخية أن بناء القصر قد استغرق ثلاث سنوات، وقد ابتدأ بناؤه من عام 1924م إلى عام 1927م وبتكلفة (1600 جنيه فلسطيني)، وكان أول افتتاح للقصر هو عندما استقبل الأمير عبد الله الأول الشعراء فيه. وقد قدم لبنائه المهندسون المعماريون من مدن: دمشق ونابلس والقدس، و استوحوا تصميماته في الزخرفة والتشكيل والنقش من فن العمارة الإسلامية، وبذلوا جهودهم لإبراز الطابع المعماري للقصر من خلال تزيين الواجهة الأمامية للبناء الشرقي بالزنابق ورؤوس الرماح والنوافذ القوسية الشكل و الأعمدة المنحوتة والمدخل المهيب. وامتداد القصر هو عبارة عن سور طويلٌ جداً يلتقي أطرافه مع جبل القلعة. فإذا كان المرء واقفاً في وسط الساحة الهاشمية ثم قام بالنظر باتجاه الغرب نحو الأعلى فإنه يرى سور مدينة عمان بحجارته الضخمة تمتد على طول حافة الجبل – المقام عليه القصر؛ نحو بقايا القلعة القديمة بأعمدتها الضخمة فوق جبل الطهطور- التي كانت في السابق معبداً؛ وشوارعها المبلطة التي كانت أيضاً أسواقاً في السابق.
قصر رغدان هو البداية لمجمّع العمارة الهاشمية التي تقف بزهوٍ كامتدادٍ للتاريخ العريق، حيث اشتُهر القصر بمجالس الادب والشعر، فالتقى فيه كثيرٌ من الشعراء العرب مثل: عمر أبو ريشة، وعبدالمنعم الرفاعي، وعبد المحسن الكاظمي، وفؤاد الخطيب، وكامل شعيب العاملي، وضياء الدين الرفاعي، ومصطفى وهبي التل (عرار).
ينسجم تصميم القصر مع عظمة عمّان وتاريخها، ورغم بديع عمارته إلّا أنه يتسم بالبساطة، وينطوي على مساحة من الجمال المستوحى من فنون العمارة الإسلامية في الزخرفة والتشكيل والنقش، إذ أبدع المعماريون في بنائه، ووضعوا فيه خلاصة خبراتهم وفنونهم في إخراج البناء الذي عكست واجهتُه الأمامية طرازَ البناء الشرقي المزيَّن بالزنابق ورؤوس الرماح والشبابيك المقوَّسة والأعمدة المنحوتة.
وتجتمع في رغدان فنونُ العمارة الإسلامية الأموية والمملوكية والعثمانية، ويمكن أيضاً ملاحظة الطراز الأندلسي من خلال الأقواس وفنون زخرفة السقوف وتصميم النوافذ والمداخل.